فصل: (الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعُشْرُونَ فِي الشُّفْعَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ):

إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ دَارًا تُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فَيَكُونَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ دَارًا بِبَعْضِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ دَارًا لِنَفْسِهِ إلَى جَنْبِهَا فَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِهَا بِالشُّفْعَةِ بِمَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ دَارًا مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ بَاعَ رَبُّ الْمَالِ دَارًا لِنَفْسِهِ وَالْمُضَارِبُ شَفِيعُهَا بِدَارٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا بِهِ وَفَاءٌ بِثَمَنِ الدَّارِ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ وَفَاءٌ بِثَمَنِ الدَّارِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَارِ الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ فَلَا شُفْعَةَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ فَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَنَّ أَجْنَبِيًّا اشْتَرَى دَارًا إلَى جَنْبِ دَارِ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ وَفَاءٌ بِالثَّمَنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ لِلْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ وَفَاءٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُضَارِبِ وَلِرَبِّ الْمَالِ جَمِيعًا، فَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَهَا جَمِيعًا لِنَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ رِبْحٌ فَالشُّفْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ خَاصَّةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُضَارِبُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى تَنَاقَضَا الْمُضَارَبَةَ وَاقْتَسَمَا الدَّارَ الَّتِي مِنْ الْمُضَارَبَةِ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ ثُمَّ أَرَادَا أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ الْمَبِيعَةَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنْفُسِهِمَا فَلَهُمَا ذَلِكَ، فَإِنْ طَلَبَا جَمِيعًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَأَيُّهُمَا سَلَّمَ أَخَذَ الْآخَرُ الدَّارَ كُلَّهَا.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا مُضَارَبَةً فَاشْتَرَيَا بِهِ دَارًا وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا بِالشُّفْعَةِ دُونَ حِصَّةِ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَجْنَبِيًّا، وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ وَاحِدًا فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الشَّفِيعُ رَبَّ الْمَالِ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلَانِ إلَى رَجُلٍ مَالًا مُضَارَبَةً فَاشْتَرَى بِهِ دَارًا وَأَحَدُ صَاحِبَيْ الْمَالِ شَفِيعُهَا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا كُلَّهَا أَوْ يَدَعَ وَإِذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمُضَارَبَةِ فَسَلَّمَ أَحَدُ الْمُضَارِبَيْنِ الشُّفْعَةَ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهِ الْمُضَارِبُ دَارًا تُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَشَفِيعُهَا رَبُّ الْمَالِ بِدَارٍ لَهُ وَالْأَجْنَبِيُّ أَيْضًا شَفِيعُهَا بِدَارٍ لَهُ أُخْرَى فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا الدَّارَ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ سَلَّمَ رَبُّ الْمَالِ الشُّفْعَةَ وَأَرَادَ الْأَجْنَبِيُّ أَنْ يَأْخُذَهَا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْنَبِيُّ نِصْفَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ كُلَّهَا أَوْ يَدَعَ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُضَارَبَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ):

إذَا دَفَعَ الْمُسْلِمُ إلَى النَّصْرَانِيِّ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَهُوَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ اتَّجَرَ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَرَبِحَ جَازَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَعِنْدَهُمَا تَصَرُّفُهُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ اشْتَرَى مَيْتَةً فَنَقَدَ فِيهِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ أَرْبَى فَاشْتَرَى دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَكِنْ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ مَالَ النَّصْرَانِيِّ مُضَارَبَةً وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ اشْتَرَى بِهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً وَنَقَدَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ، فَإِنْ رَبِحَ فِي ذَلِكَ رَدَّ الرِّبْحَ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ إنْ كَانَ يَعْرِفُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُ تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا يُعْطِي رَبُّ الْمَالِ النَّصْرَانِيَّ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَوْ دَفَعَ الْمُسْلِمُ مَالَهُ مُضَارَبَةً إلَى مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ وَهِبَتِهِ.
وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ مُسْلِمٌ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَأَوْدَعَهُ الْحَرْبِيُّ مُسْلِمًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ دَخَلَ إلَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ بِأَمَانٍ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ فَهُوَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ وَيَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْحَرْبِيَّ دَخَلَ بِالْمَالِ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ هُنَاكَ فَهُوَ لَهْوٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمَالِ حِينَ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ فَيَشْتَرِيَ بِهِ وَيَبِيعَ هُنَاكَ فَإِنَى أَسْتَحْسِنُ أَنْ أُجِيزَ ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَأَجْعَلَ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا إنْ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ أَوْ رَجَعَ الْمُضَارِبُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمًا أَوْ مُعَاهَدَا أَوْ بِأَمَانٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْبَاقِي لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيَّانِ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَدَفَعَ أَحَدُهُمَا إلَى صَاحِبِهِ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ دَخَلَ أَحَدُهُمَا دَارَ الْحَرْبِ لَمْ تُنْتَقَضْ الْمُضَارَبَةُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ دَفَعَ حَرْبِيٌّ إلَى مُسْلِمٍ مَالًا مُضَارَبَةً ثُمَّ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ دَفَعَ أَحَدُ الْحَرْبِيَّيْنِ إلَى صَاحِبِهِ مَالًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَهُمَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمَيْنِ وَالذِّمِّيَّيْنِ وَقَدْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ حِينَ دَخَلُوا دَارَنَا بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمُسْلِمَيْنِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَدَارِ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا دَخَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَدَفَعَ إلَى حَرْبِيٍّ مَالًا مُضَارَبَةً بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْحَرْبِيُّ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا حَتَّى إذَا لَمْ يَرْبَحْ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَهِيَ كُلُّهَا لِمَنْ شَرَطَ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مِائَةٌ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ فَذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ شَيْءٌ آخَرُ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا دَفَعَ الْمُسْلِمُ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَالًا مُضَارَبَةً إلَى رَجُلٍ قَدْ أَسْلَمَ هُنَاكَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ بِذَلِكَ جَازَ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعُشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الثِّيَابَ وَيَقْطَعَهَا بِيَدِهِ وَيَخِيطَهَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ مِمَّا يَصْنَعُهُ التُّجَّارُ عَلَى قَصْدِ تَحْصِيلِ الرِّبْحِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الْجُلُودَ وَالْأُدْمَ يَخْرُزُهَا خِفَافًا وَدِلَاءً وَرِدَاءً بِيَدِهِ وَأَجْزَائِهِ فَكُلُّ هَذَا مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ فَيَجُوزُ شَرْطُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شَرْطِ الْمُضَارِبِ.
لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَحْتَطِبَ وَيَحْتَشَّ عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنَّ الْمُضَارَبَةَ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ جَائِزَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا دَفَعَ فِي مَرَضِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ الْمُضَارِبُ وَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَأَجْرُ مِثْلِ الْمُضَارِبِ أَقَلُّ مِمَّا شَرَطَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِيمَا عَمِلَ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَلِلْمُضَارِبِ نِصْفُ الرِّبْحِ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ دَيْنِ الْمَرِيضِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لِلْمُضَارِبِ رِبْحًا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَى الْمَرِيضِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيَضْرِبُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ لَوْ دَفَعَ الصَّحِيحُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً إلَى مَرِيضٍ عَلَى أَنَّ لِلْمُضَارِبِ عُشْرَ الرِّبْحِ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ فَرَبِحَ أَلْفًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيرٌ فَلِلْمُضَارِبِ عُشْرُ الرِّبْحِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ وَبَيْعِهِ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا عَشَرَةَ أَشْهُرٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ الْبُرَّ جَازَ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ وَرَبِحَ فِيهِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمَالُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَهُ الْأَجْرُ الْمَشْرُوطُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ وَسَقَطَ أَجْرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ مَالًا مُضَارَبَةً فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَيَسْقُطُ أَجْرُ قَدْرِ مُدَّةِ عَمَلِهِ لِلْمُضَارَبَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ الْأَجِيرُ دَفَعَ إلَى رَبِّ الْمَالِ مَالًا مُضَارَبَةً يَعْمَلُ بِهِ عَلَى النِّصْفِ جَازَ وَالْأَجِيرُ عَلَى الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ اسْتَبْضَعَ رَبُّ الْمَالِ الْأَجِيرَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ يَشْتَرِي بِهِ وَيَبِيعُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فَقَبَضَهُ الْأَجِيرُ فَاشْتَرَى بِهِ وَبَاعَ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْأَجْرُ عَلَى حَالِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ شُرُوطِ الْمُضَارَبَةِ.
وَمَنْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً، وَقَالَ: هَذَا مُضَارَبَةٌ عِنْدكَ شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ فَهُوَ قَرْضٌ فَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ وَهُوَ عِنْدَهُ وَرِقٌ كَانَ قَرْضًا يَعْنِي إذَا قَبَضَهُ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا لَمْ يَكُنْ قَرْضًا حَتَّى يَبِيعَهُ فَيَصِيرَ وَرِقًا فَيَكُونُ قَرْضًا عِنْدَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَقْرَضَهُ شَهْرًا ثُمَّ بَنَى مُضَارَبَةً لَمْ يَكُنْ مُضَارَبَةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
فِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً، فَقَالَ لِرَبِّ الْمَالِ: أَقْرِضْنِيهِ فَفَعَلَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ، قَالَ: إذَا قَبَضَهُ الْمُضَارِبُ بِيَدِهِ مِنْ بَيْتِهِ أَوْ صُنْدُوقِهِ أَوْ كِيسِهِ وَصَرَفَهُ فِي حَوَائِجِ نَفْسِهِ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مَالًا مُضَارَبَةً ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ شَارَكَ رَجُلًا آخَرَ بِدَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ وَشَرِيكُهُ عَصِيرًا مِنْ شَرِكَتِهِمَا ثُمَّ جَاءَ الْمُضَارِبُ بِدَقِيقٍ مِنْ الْمُضَارَبَةِ فَاِتَّخَذَ مِنْهُ وَمِنْ الْعَصِيرِ فَلَاتِجَ قَالُوا إنْ اتَّخَذَ الْفَلَاتِجَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الدَّقِيقِ قَبْلَ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهُ الْفَلَاتِجَ وَإِلَى قِيمَةِ الْعَصِيرِ فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الدَّقِيقِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الْعَصِيرِ فَهُوَ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ لَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ قَالَ: لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ وَفَعَلَ الْمُضَارِبُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَالْفَلَاتِجُ يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ وَهُوَ ضَامِنٌ مِثْلَ الدَّقِيقِ لِرَبِّ الْمَالِ وَمِثْلَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ مِنْ الْعَصِيرِ لِلشَّرِيكِ، وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَالشَّرِيكُ لَمْ يَأْذَنْ فَالْفَلَاتِجُ يَكُونُ لِلْمُضَارَبَةِ وَالْمُضَارِبُ ضَامِنٌ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْعَصِيرِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَرَبُّ الْمَالِ لَمْ يَأْذَنْ فَالْفَلَاتِجُ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِرَبِّ الْمَالِ مِثْلَ الدَّقِيقِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ فُلُوسًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَلَمْ يَشْتَرِ حَتَّى كَسَدَتْ تِلْكَ الْفُلُوسُ وَأَحْدَثَ فُلُوسًا غَيْرَهَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ، فَإِنْ اشْتَرَى بِهَا الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَبِحَ أَوْ وَضَعَ فَهُوَ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ، وَلَوْ لَمْ تَكْسَدْ حَتَّى اشْتَرَى بِهَا الْمُضَارِبُ ثَوْبًا وَدَفَعَهَا وَقَبَضَ الثَّوْبَ ثُمَّ كَسَدَتْ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ عَلَى حَالِهَا، فَإِنْ بَاعَ الثَّوْبَ بِدَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِنْ رَبِحَ رِبْحًا وَأَرَادَ الْقِسْمَةَ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ قِيمَةَ فُلُوسِهِ يَوْمَ كَسَدَتْ ثُمَّ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ بِالْعُرُوضِ.
وَفِي نَوَادِرِ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِطَبَرِسْتَانَ وَهِيَ طَبَرِيَّةٌ ثُمَّ الْتَقَيَا بِبَغْدَادَ، قَالَ: يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ قِيمَةَ الطَّبَرِيَّةِ بِطَبَرِسْتَانَ يَوْمَ يَخْتَصِمَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا رَبِحَ الْمُضَارِبُ فِي الْمَالِ رِبْحًا فَأَقَرَّ بِهِ وَبِرَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ: قَدْ خَلَطْتُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِي قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَ وَأَرْبَحَ لَمْ يُصَدَّقْ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ يَشْتَرِي بِهِ وَيَبِيعُ وَيُشَارِكُ وَيَعْمَلُ بِرَأْيِهِ فَاشْتَرَى بِهِ وَبِأَلْفٍ مِنْ عِنْدِهِ مَتَاعًا وَلَمْ يَخْلِطْ الْمَالَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ أَوْ حِصَّةَ الْمُضَارَبَةِ خَاصَّةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الشَّرِكَةَ وَقَعَتْ فِي الْبَيْعِ فَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمِنْ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ الصَّغِيرِ قَالَ: إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِالْمَالِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ خَادِمًا ثُمَّ هَلَكَ الْأَلْفُ فَرَجَعَ بِمِثْلِهِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَنَقَدَهُ ثُمَّ بَاعَ الْخَادِمَ بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا مَتَاعًا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ وَيُؤَدِّي مِنْ عِنْدِهِ خَمْسَمِائَةٍ، فَإِنْ بَاعَ الْمَتَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ كَانَ لِلْمُضَارِبِ سُدُسُ الثَّمَنِ وَالْبَاقِي عَلَى الْمُضَارَبَةِ يَسْتَوْفِي مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ مَا غَرِمَ فِي الْمَرَّاتِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَالْبَاقِي رِبْحٌ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ وَبَاعَ وَرَبِحَ حَتَّى صَارَ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِالثَّلَاثَةِ الْآلَافِ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفٌ وَلَمْ يَنْقُدْ الْمَالَ حَتَّى ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى مِنْهُ الْمُضَارِبُ بِأَلْفٍ فِي يَدَيْهِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَلَيْسَ فِي يَدَيْهِ غَيْرُهُ فَضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُ رَبُّ الْمَالِ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَيَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَيَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَرَأْسُ الْمَالِ فِيهِ أَلْفَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَتَيْنِ تُسَاوِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ بَاعَ إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ وَالْأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ وَقَبَضَهُمَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ لَقِيَهُ الْمُضَارِبُ، وَقَالَ: زِدْنِي فِي ثَمَنِهَا، فَزَادَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا الْمُضَارِبُ بِمُقَابَلَتِهِمَا فَتَتَوَزَّعُ عَلَى قِيمَتِهِمَا كَأَصْلِ الثَّمَنِ إذَا سَمَّى بِمُقَابِلَتِهِمَا جُمْلَةً وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي طَعَنَ فِيهِمَا بِعَيْبٍ فَصَالَحَهُ الْمُضَارِبُ عَلَى أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنَيْنِ مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرَى بِاَلَّتِي اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَيْبًا رَدَّهَا بِأَلْفٍ غَيْرِ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ اشْتَرَى الْجَارِيَتَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِرِبْحِ مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا بَاعَهُمَا بِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهَا بِثَمَنِهَا، وَحِصَّتُهَا مِنْ الرِّبْحِ إذَا قُسِّمَتْ عَلَى الثَّمَنَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ بِالْأَلْفِ وَالْأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ بَاعَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى حِدَةٍ عَلَى ثَمَنِهَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ زَادَ فِي ثَمَنِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً بَاعَهُمَا جَمِيعًا عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ إحْدَاهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُمَا جَمِيعًا مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ إحْدَاهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى حِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الْمُضَارِبِ يَبِيعُ الْمَتَاعَ ثُمَّ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَنَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَ إلَّا بِالنَّقْدِ، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: أَبِيعُهُ بِالنَّسِيئَةِ، أَوْ قَالَ: أَبِيعُ حِصَّتِي وَهِيَ الرُّبُعُ بِالنَّسِيئَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ إلَّا بِالنَّقْدِ، فَإِنْ بَاعَ الْمُضَارِبُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ بِالنَّقْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الرُّبُعَ بِالنَّسِيئَةِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ وَيُوَفِّيَ مِنْ ذَلِكَ رَبَّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَرِبْحَهُ ثُمَّ يَبِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّبُعَ بِالنَّسِيئَةِ إنْ أَحَبَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً نَسِيئَةً لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى الْأَلْفِ مَا لَمْ يُبَيِّنْ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَرَضًا مُضَارَبَةً فَادَّعَى الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ: رَدَدْتُ الْعَرْضَ عَلَيْكَ، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
هِشَامٌ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ إلَّا بِأَلْفَيْنِ مِنْهَا حَتَّى أَنَّهُ إذَا بَاعَ مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ اشْتَرَى عَلَى ذَلِكَ الدَّيْنِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى غُلَامًا فَوَجَدَهُ حُرًّا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا دَفَعَ الْمُكَاتَبُ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَخَذَ مَالًا مُضَارَبَةً فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَإِنْ دَفَعَهُ الصَّبِيُّ بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَهُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَعَمِلَ بِهِ الْمُضَارِبُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ وَمَلَكَ الْمَضْمُونَ بِالضَّمَانِ، وَالرِّبْحُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ دَقِيقًا بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ فَأَعْطَاهُ رَبُّ الْمَالِ دَقِيقًا آخَرَ، وَقَالَ لَهُ: اخْلِطْ بِهَذَا الدَّقِيقِ عَلَى سَبِيلِ مَا تَوَاضَعْنَا فَخَلَطَ ثُمَّ بَاعَ الْكُلَّ، قَالُوا: مِقْدَارُ ثَمَنِ دَقِيقِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ يَكُونُ عَلَى مَا اشْتَرَطَا فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، وَأَمَّا مِقْدَارُ ثَمَنِ الدَّقِيقِ الْآخَرُ فَكُلُّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ بِرِبْحِهِ وَعَلَيْهِ وَضَيْعَتُهُ وَلِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا تَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْعِهِ، هَكَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ خَلَطَ الدَّقِيقَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ، أَمَّا إذَا خَلَطَ فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي شَيْءٍ هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً وَفِيهَا فَضْلٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ اسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَأُخِذَ مِنْهُ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُضَارِبُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إذَا عَمِلَ الْوَصِيُّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَوَضَعَ أَوْ رَبِحَ فِيهِ، فَقَالَ: عَمِلْتُ بِهِ مُضَارَبَةً، فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي حَالِ الْوَضِيعَةِ دُونَ الرِّبْحِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَلَوْ قَالَ: اسْتَقْرَضْتُ، لَا يُصَدَّقُ حَتَّى يَشْهَدَ قَبْلَهُ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ ضَمِنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ عَمِلَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: دَفَعْتُهُ قَرْضًا عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ: قَرْضًا عَلَيَّ، فَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ، وَلَوْ قَالَ: دَفَعْتُهُ مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً، وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَضِيعَةٌ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْيَتِيمِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ قَبْلَ الدَّفْعِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ دَنَانِيرَ فَأَوْدَعَهَا الْمُضَارِبُ عِنْدَ صَيْرَفِيٍّ فَخَلَطَهَا الصَّيْرَفِيُّ بِمَالِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَتَاعًا بِدَنَانِيرَ فَهُوَ مُخَالِفٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ دَفَعَ إلَى عَبْدٍ مَالًا مُضَارَبَةً وَالْعَبْدُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى نَفْسَهُ بِالْمُضَارَبَةِ جَازَ وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَيُبَاعُ، وَرَأْسُ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى نَفْسَهُ وَابْنَهُ وَامْرَأَتَهُ بِالْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمُضَارَبَة، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ دَفَعَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِهِ جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَمِائَةٍ فَالْجَارِيَةُ عَلَى الْمُضَارِبِ وَلَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا لِلْمُضَارَبَةِ وَلِلْمُضَارِبِ فِيهَا مِائَةٌ خَاصَّةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اشْتَرَى وَبَاعَ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ حَتَّى صَارَ فِي يَدِهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهِمَا جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً سَنَةً، وَقِيمَتُهَا يَوْمَ بَاعَهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ وَأَقَلُّ فَدَفَعَهَا إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ هَلَكَ الْأَلْفَانِ الْأَوَّلَانِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهُمَا بَائِعُ الْجَارِيَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَيُؤَدِّيهَا مَعَ خَمْسِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ إلَى بَائِعِ الْجَارِيَةِ، فَإِذَا خَرَجَتْ الْأَرْبَعَةُ الْآلَافُ كَانَ لِلْمُضَارِبِ رُبُعُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُضَارَبَةِ وَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ رَأْسَ مَالِهِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
اشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَحَالَ الْحَوْلُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْجَارِيَةِ وَعَلَى الْمُضَارِبِ زَكَاةُ الرُّبُعِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ تُسَاوِي أَلْفًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْجَارِيَتَيْنِ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَاصَّةً، وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَنَقَصَتْ مِنْ عَيْبٍ أَوْ سِعْرٍ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ ازْدَادَتْ فَحَالَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ اُشْتُرِيَتْ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمُضَارِبِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ زَكَاةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا، وَلَوْ صَارَتْ قِيمَتُهَا فَوْقَ الْأَلْفِ فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ، وَلَوْ اشْتَرَى بِهَا حِنْطَةً وَشَعِيرًا وَإِبِلًا وَغَنَمًا كُلُّ جِنْسٍ يُسَاوِي أَلْفًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُضَارِبِ زَكَاةٌ، وَلَوْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا يَجِبُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى الْمُضَارِبِ وَتَحْصُلُ لَهُ مَنْفَعَةُ الِاسْتِرْبَاحِ، قَالُوا: يُفْرَضُ الْمَالُ مِنْ الْمُضَارِبِ وَيُسَلَّمُ إلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ مُضَارَبَةً ثُمَّ يُبْضِعُ الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَعْمَلُ فِيهِ الْمُضَارِبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ مُضَارَبَةً، وَلَوْ أَخَذَ الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَالَ رَجُلٍ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ الْأَبُ لِلِابْنِ فَعَمِلَ بِهِ الْأَبُ فَرَبِحَ فَالرِّبْحُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْأَبِ نِصْفَانِ وَلَا شَيْءَ لِلِابْنِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ فَأَخَذَهُ الْأَبُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ الْغُلَامُ وَيَبِيعَ، وَالرِّبْحُ نِصْفَانِ فَالْمُضَارَبَةُ جَائِزَةٌ وَالرِّبْحُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالِابْنِ نِصْفَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَمِلَ بِهِ الْأَبُ لِلِابْنِ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْعَمَلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، وَالرِّبْحُ لَهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَالْوَصِيُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا بَاعَ رَبُّ الْمَالِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ، فَإِنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمُضَارِبُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمُضَارِبُ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمُضَارِبُ الْآخَرُ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
مُضَارِبٌ نَزَلَ خَانًا مَعَ ثَلَاثَةٍ مِنْ رُفَقَائِهِ فَخَرَجَ الْمُضَارِبُ مَعَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَبَقِيَ الرَّابِعُ فِي الْحُجْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ الرَّابِعُ وَتَرَكَ الْبَابَ غَيْرَ مُغْلَقٍ وَهَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ، قَالُوا: إنْ كَانَ الرَّابِعُ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي حِفْظِ الْمَتَاعِ لَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ وَيَضْمَنُ الرَّابِعُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِي بِهِ مِنْ الْهَرَوِيِّ خَاصَّةً فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَمَا يَشْتَرِي بِهِ مِنْ النَّيْسَابُورِيِّ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَمَا يَشْتَرِي بِهِ مِنْ الزُّطِّيِّ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْمُضَارِبِ فَهُوَ عَلَى مَا سَمَّى، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى الْهَرَوِيَّ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَا، وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ النَّيْسَابُورِيَّ فَهُوَ بِضَاعَةٌ فِي يَدِهِ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ الزُّطِّيَّ فَالْمَالُ قَرْضٌ عَلَيْهِ وَالرِّبْحُ لَهُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
مَرَّ الْمُضَارِبُ عَلَى السُّلْطَانِ فَدَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا لِيَكُفَّ عَنْهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ أَخَذَهَا كُلَّهَا كَرْهًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا إذَا غَصَبَ مِنْهُ الْبَعْضَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا مَرَّ الْمُضَارِبُ عَلَى الْعَاشِرِ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَأَخْبَرَ بِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْعُشْرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا أَخَذَ مِنْهُ الْعَاشِرُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَعْطَى الْعَاشِرَ بِغَيْرِ إلْزَامٍ مِنْ الْعَاشِرِ لَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَعْطَى، وَكَذَلِكَ إنْ صَانَعَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَعْطَى، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ: الْجَوَابُ فِي زَمَانِنَا بِخِلَافِ هَذَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا يُعْطِي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى شَاطِرٍ طَمِعَ فِيهِ وَقَصَدَ أَخْذَهُ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا صَانَعَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

.(كِتَابُ الْوَدِيعَةِ):

وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى عَشَرَةِ أَبْوَابٍ:

.(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْإِيدَاعِ الْوَدِيعَةِ وَرُكْنِهَا وَشَرَائِطِهَا وَحُكْمِهَا):

أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَالْإِيدَاعُ هُوَ تَسْلِيطُ الْغَيْرِ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ الْوَدِيعَةُ مَا يُتْرَكُ عِنْدَ الْأَمِينِ، كَذَا فِي الْكَنْزِ.
وَأَمَّا رُكْنُهَا فَقَوْلُ الْمُودِعِ: أَوْدَعْتُكَ هَذَا الْمَالَ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ أَوْ الْأَفْعَالِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُودَعِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ فَقَطْ، هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
الْوَدِيعَةُ تَارَةً تَكُونُ بِصَرِيحِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَتَارَةً بِالدَّلَالَةِ، فَالصَّرِيحُ قَوْلُهُ: أَوْدَعْتُكَ، وَقَوْلُ الْآخَرِ: قَبِلْتُ، وَلَا تَتِمُّ فِي حَقِّ الْحِفْظِ إلَّا بِذَلِكَ وَتَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ فِي حَقِّ الْأَمَانَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِلْغَاصِبِ: أَوْدَعْتُكَ الْمَغْصُوبَ، بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، فَأَمَّا وُجُوبُ الْحِفْظِ فَيَلْزَمُ عَلَى الْمُودَعِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ، وَالدَّلَالَةُ إذَا وَضَعَ عِنْدَهُ مَتَاعًا وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، أَوْ قَالَ: هَذَا وَدِيعَةٌ عِنْدَكَ، وَسَكَتَ الْآخَرُ صَارَ مُودَعًا حَتَّى لَوْ غَابَ الْآخَرُ فَضَاعَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ وَقَبُولٌ عُرْفًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا كَوْنُ الْمَالِ قَابِلًا لِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَوْدَعَ الْآبِقَ وَالطَّيْرَ الَّذِي هُوَ فِي الْهَوَاءِ وَالْمَالَ السَّاقِطَ فِي الْبَحْرِ لَا يَصِحُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَمِنْهَا عَقْلُ الْمُودِعِ فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَأَمَّا بُلُوغُهُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا حَتَّى يَصِحَّ الْإِيدَاعُ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ، وَكَذَا حُرِّيَّتُهُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَيَمْلِكُهُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ يَصِحُّ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ حُرِّيَّةُ الْمُودِعِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ حَتَّى يَصِحَّ الْقَبُولُ مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعَقْدِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الْقَبُولُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَأَمَّا حُكْمُهَا فَوُجُوبُ الْحِفْظِ عَلَى الْمُودَعِ وَصَيْرُورَةُ الْمَالِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَوُجُوبُ أَدَائِهِ عِنْدَ طَلَبِ مَالِكِهِ، كَذَا فِي الشُّمُنِّيِّ.
الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارَ وَلَا تُؤَاجَرُ وَلَا تُرْهَنُ، وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا ضَمِنَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَضَعَ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى ضَاعَ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ، وَلَوْ وَضَعَ عِنْدَ آخَرِ شَيْئًا، وَقَالَ: احْفَظْهُ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَقَالَ: لَا أَحْفَظُهُ، فَضَاعَ، قَالَ فِي الْمُحِيطِ: لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
لَوْ قَامَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَجْلِسِ وَتَرَكَ كِتَابَهُ أَوْ مَتَاعَهُ فَالْبَاقُونَ مُودَعُونَ فِيهِ حَتَّى لَوْ تَرَكُوا وَهَلَكَ ضَمِنُوا؛ لِأَنَّ الْكُلَّ حَافِظُونَ، فَإِنْ قَامَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَالضَّمَانُ عَلَى آخِرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ الْآخَرُ حَافِظًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
مَنْ تَرَكَ بَابَ حَانُوتِهِ مَفْتُوحًا فَقَامَ وَاحِدٌ ثُمَّ وَاحِدٌ فَضَمَانُ مَا ضَاعَ عَلَى آخِرِهِمْ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ ثَوْبٌ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَعْطِنِي هَذَا الثَّوْبَ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ كَانَ هَذَا عَلَى الْوَدِيعَةِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ دَخَلَ بِدَابَّتِهِ خَانًا، وَقَالَ لِصَاحِبِ الْخَانِ: أَيْنَ أَرْبِطُهَا؟ فَقَالَ: هُنَاكَ، فَرَبَطَهَا وَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَجِدْ دَابَّتَهُ، فَقَالَ صَاحِبُ الْخَانِ: إنَّ صَاحِبَكَ أَخْرَجَ الدَّابَّةَ لِيَسْقِيَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صَاحِبٌ فَصَاحِبُ الْخَانِ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا دَخَلَ رَجُلٌ الْحَمَّامَ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ: أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ؟ فَقَالَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ: ثَمَّةَ، فَوَضَعَ فَدَخَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ خَرَجَ رَجُلٌ آخَرُ وَذَهَبَ بِثِيَابِهِ فَصَاحِبُ الْحَمَّامِ ضَامِنٌ، وَإِنْ وَضَعَ الثِّيَابَ بِمَرْأَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمَّامِ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (جامه دَار) فَالضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ حَاضِرٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الثِّيَابِيِّ دُونَ صَاحِبِ الْحَمَّامِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى اسْتِحْفَاظِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ بِأَنْ قَالَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ: أَيْنَ أَضَعُ الثِّيَابَ؟ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثِيَابِيٌّ وَهُوَ حَاضِرٌ، هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ الثِّيَابِيُّ غَائِبًا وَيَضَعُ الثِّيَابَ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ كَانَ اسْتِحْفَاظًا مِنْ صَاحِبِ الْحَمَّامِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَمَّامِ بِالتَّضْيِيعِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ الثِّيَابَ وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ حَاضِرٌ فَخَرَجَ آخَرُ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَبِسَهَا وَصَاحِبُ الْحَمَّامِ لَمْ يَدْرِ أَنَّهَا ثِيَابُهُ أَمْ لَا، ثُمَّ خَرَجَ صَاحِبُ الثِّيَابِ، وَقَالَ: هَذِهِ لَيْسَتْ ثِيَابِي، وَقَالَ الْحَمَّامِيُّ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَبِسَ الثِّيَابَ فَظَنَنْتُ أَنَّهَا ثِيَابُهُ، ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي غَصْبِ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ ثِيَابَهُ بِمَرْأَى عَيْنِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ ثُمَّ خَرَجَ فَوَجَدَ صَاحِبَ الْحَمَّامِ نَائِمًا وَقَدْ سُرِقَ ثِيَابُهُ، فَإِنْ نَامَ قَاعِدًا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ وَضَعَ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَهُوَ ضَامِنٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ امْرَأَةٌ خَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ وَدَفَعَتْ الْفِنْجَانَةِ إلَى صَغِيرَةٍ، وَقَالَتْ: ادْفَعِيهَا إلَى بِنْتِي وَهِيَ فِي الْحَمَّامِ، فَلَمَّا جَاءَتْ إلَيْهَا قَالَتْ لَهَا الْبِنْتُ: امْلَئِي مِنْ الْمَاءِ وَاحْمِلِيهَا إلَيَّ فَمَلَأَتْ فَانْكَسَرَتْ، إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِيَالِ الْأُمِّ لَا تَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ أَعَارَتْهَا الْأُمُّ فَكَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: صُبِّي عَلَى رَأْسِكِ، وَإِنْ بَعَثَتْ إلَى الْبِنْتِ لِلْحِفْظِ ضَمِنَتْ الْبِنْتُ إذَا غَيَّبَتْهَا عَنْ بَصَرِهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.